فصل: قال صاحب التفسير الواضح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وأبو نعيم في الحلية، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سئل عن هم يوسف عليه السلام ما بلغ؟ قال: حل الهيمان- يعني السراويل- وجلس منها مجلس الخاتن، فصيح به، يا يوسف لا تكن كالطير له ريش، فإذا زنى قعد ليس له ريش!!
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} قال: طمعت فيه وطمع فيها، وكان من الطمع أن هم بحل التكة، فقامت إلى صنم مكلل بالدر واليواقيت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه، فقالك أي شيء تصنعين؟ فقالت: استحيي من إلهي أن يراني على هذه الصورة. فقال يوسف عليه السلام: تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب، ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت! ثم قال: لا تنالينها مني أبدًا- وهو البرهان الذي رأى.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وَهَمَّ بِهَا} قال: حل سراويله حتى بلغ ثنته، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته، فمثل له يعقوب عليه السلام فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قال: رأى صورة أبيه يعقوب في وسط البيت غاصًا على إبهامه، فأدبر هاربًا وقال: وحقك يا أبت لا أعود أبدًا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، وسعيد بن جبير في قوله: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قالا: حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن، فرأى صورة فيها وجه يعقوب غاصًا على أصابعه، فدفع صدره فخرجت الشهوة من أنامله، فكل ولد يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدًا إلا يوسف عليه السلام، فإنه نقص بتلك الشهوة ولدًا فلم يولد له غير أحد عشر ولدًا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قال: تمثل له يعقوب عليه السلام فضرب في صدر يوسف فطارت شهوته من أطراف أنامله، فولد لكل ولد يعقوب اثنا عشر ذكرًا، غير يوسف لم يولد له إلا غلامان.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه، في قوله: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قال: رأى يعقوب غاصًا على أصابعه يقول: يوسف! يوسف!.
وأخرج ابن جرير وابن أبي جاتم، وأبي الشيخ عن قتادة رضي الله عنه، في الآية قال: رأى ىية من آيات ربه حجزه الله بها عن معصيته. ذكر لنا أنه مثل له يعقوب غاصًا على أصبعيه، وهو يقول له: يا يوسف! أتهم بعمل السفهاء، وأنت مكتوب في الأنبياء! فذلك البرهان. فانتزع الله كل شهوة كانت في مفاصله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن محمد بن سرين رضي الله عنه، في قوله: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}. قال: مثل له يعقوب عليه السلام غاصًا على اصبعيه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، اسمك مكتوب في الأنبياء، وتعمل عمل السفهاء.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه، قالك رأى صورة يعقوب عليه السلام في الجدار.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه، قال: زعموا أن سقف البيت انفرج، فرأى يعقوب غاصًا على أصبعيه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن الحسن رضي الله عنه، في قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}. قال: إنه لما هم قيل له ارفع رأسك يا يوسف، فرفع رأسه فإذا هو بصورة في سقف البيت تقول: يا يوسف! يا يوسف! أنت مكتوب في الأنبياء: فعصمه الله عز وجل.
وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي صال رضي الله عنه، قال: رأى صورة يعقوب في سقف البيت تقول: يوسف! يوسف!. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ}
والهَمُّ هو حديث النفس بالشيء؛ إما أن يأتيه الإنسان أو لا يأتيه. ومن رحمة ربنا بخلْقه أن مَنْ هَمَّ بسيئة وحدَّثتْه نفسه أن يفعلها؛ ولم يفعلها كُتِبتْ له حسنة.
وقد جاءت العبارة هنا في أمر المراودة التي كانت منها، والامتناع الذي كان منه، واقتضى ذلك الأمر مفاعلة بين اثنين يصطرعان في شيء.
فأحد الاثنين امرأة العزيز يقول الله في حقها: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} [يوسف: 24].
وسبق أن أعلن لنا الحق سبحانه في الآية السابقة موقفها حين قالت: {هيت لك} وكذلك بيَّن موقف يوسف عليه السلام حين قال يوسف: {معاذ الله}.
وهنا يبين لنا أن نفسه قد حدثته أيضًا؛ وتساوى في حديث النفس؛ لكن يوسف حدث له أن رأى برهان ربه.
ويكون فَهْمُنا للعبارة: ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها؛ لأننا نعلم أن: {لولا} حرف امتناع لوجود؛ مثلما نقول: لولا زيد عندك لأتيتك.
ولقائل أن يقول: كيف غابت قضية الشرط في الإيجاد والامتناع عن الذين يقولون؛ إن الهم قد وُجِد منه؟
ولماذا لم يَقُل الحق: لقد همَّتْ به ولم يهم بها؛ حتى نخرج من تلك القضية الصعبة؟
ونقول: لو قال الحق ذلك لما أعطانا هذا القولُ اللقطةَ المطلوبة؛ لأن امرأة العزيز هَمَّتْ به لأن عندها نوازع العمل؛ وإنْ لم يَقُلْ لنا أنه قد هَمَّ بها لظننا أنه عِنِّين أو خَصَاه موقف أنها سيدته فخارتْ قواه.
إذن: لو قال الحق سبحانه: إنه لم يَهِمّ بها؛ لكان المانع من الهَمِّ إما أمر طبيعي فيه، أو أمر طاريء لأنها سيدته فقد يمنعه الحياء عن الهَمِّ بها.
ولكن الحق سبحانه يريد أن يوضح لنا أن يوسف كان طبيعيًا وهو قد بلغ أشُدَّه ونُضْجه؛ ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها.
وهكذا لم يَقُمْ يوسف عليه السلام بما يتطلبه ذلك لنقص فيه؛ ولا لأن الموقف كان مفاجأة ضَيَّعَتْ رجولته بغتة؛ مثل ما يحدث لبعض الشباب في ليلة الزفاف، حين لا يستطيع أن يَقربَ عروسه؛ وتمر أيام إلى أن يستعيد توازنه. ويقرب عروسه.
إذن: لو أن القرآن يريد عدم الهَمِّ على الإطلاق؛ ومن غير شيء، لَقَال: ولقد هَمَّتْ به ولم يَهِم بها.
ولكن مثل هذا القول هو نَفْيٌ للحدث بما لا يستلزم العفة والعصمة، لجواز أن يكون عدم الهَمِّ راجعًا إلى نقص ما؛ وحتى لا يتطرق إلينا تشبيهه ببعض الخدم؛ حيث يستحي الخادم أن ينظر إلى البنات الجميلات للأسرة التي يعمل عندها؛ ويتجه نظره إلى الخادمة التي تعمل في المنزل المجاور، لأن للعواطف التقاءات.
ومن لُطْفِ الله بالخلق أنه يُوجِد الالتقاءات التفاعلية في المتساويات، فلا تأتي عاطفة الخادم في بعض الأحيان ناحية بنات البيت الذي يعمل عنده؛ وقد يطلب من أهل البيت أن يخرج لشراء أي شيء من خارج المنزل، لعله يحظى بلقاء عابر من خادمة الجيران.
ويجوز أن الخادم قد فكر في أنه لو هَمَّ بواحدة من بنات الأسرة التي يعمل لديها؛ فقد تطرده الأسرة من العمل؛ بينما هو يحيا سعيدًا مع تلك الأسرة.
وهكذا يشاء الحق سبحانه أن يوزع تلك المسائل بنظام وتكافؤات في كثير من الأحيان.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها قال الحق سبحانه: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24].
إذن: فبرهان ربه سابق على الهَمِّ، فواحد هَمّ ولم يرتكب ما يتطلبه الهمّ؛ لأن برهان ربه في قلبه، وقد عرف يوسف برهان ربه من البداية.
وبذلك تنتهي المسألة، ولذلك فلا داعي أن يدخل الناس في متاهات أنه هَمّ وجلس بين شعبتيها، ولم يرتعد إلا عندما تمثِّل له وجه والده يعقوب ونهاه عن هذا الفعل؛ فأفسقُ الفُسّاق ولو تمثَّل له أبوه وهو في مثل هذا الموقف لأصيب بالإغماء.
وحين تناقش مَنْ رأى هذا الرأي؛ يردّ بأن هدفه أن يثبت فحولة يوسف؛ لأن الهمّ وجد وأنه قد نازع الهمّ.
ونقول لصاحب هذا الرأي: أتتكلم عن الله، أم عن الشيطان؟.
أنت لو نظرتَ إلى أبطال القصة تجدهم: امرأة العزيز؛ ويوسف والعزيز نفسه؛ والشاهد على أن يوسف قد حاول الفِكَاك من ذلك الموقف، ثم النسوة اللاتي دَعتْهُنَّ امرأة العزيز ليشاهدوا جماله؛ والله قد كتب له العصمة.
فكُلُّ هؤلاء تضافروا على أن يوسف لم يحدث منه شيء.
وقال يوسف نفسه: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي} [يوسف: 26] وامرأة العزيز نفسها قالت مُصدِّقة لِمَا قال: {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم} [يوسف: 32].
وقالت: {الآن حَصْحَصَ الحق أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصادقين ذلك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغيب} [يوسف: 51-52].
وعن النسوة قال يوسف: {مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف: 50].
وقال يوسف لحظتها: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الجاهلين} [يوسف: 33].
والصَّبْوة هي حديث النفس بالشيء؛ وهو ما يثبت قدرة يوسف عليه السلام على الفعل، وحماه الله من الصبوة؛ لأن الحق سبحانه قد قال: {فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} [يوسف: 34].
وانظر إلى لقطة النسوة اللاتي تهامسْنَ بالنميمة عن امرأة العزيز وحكايتها مع يوسف، ألم يَقُلْنَ: {مَا هذا بَشَرًا إِنْ هاذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف: 31]، فحين دخل عليهن اتجهت العيون له، وللعيون لغات؛ وللانفعال لغات؛ وإلا لماذا قال يوسف: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ} [يوسف: 33].
وهكذا نعلم أنه قد حدثت مُقدِّمات تدل على أن النسوة نَويْنَ له مثل ما نَوَتْه امرأة العزيز؛ وظَننَّ أن امرأة العزيز سوف تطرده؛ فيتلقفنه هُنَّ؛ وهذا دَأب البيوت الفاسدة.
وهل هناك أفسد من بيت العزيز نفسه، بعد أن حكم الشاهد أنها هي التي راودتْ يوسف عن نفسه؛ فيدمدم العزيز على الحكاية، ويقول: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا واستغفري لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخاطئين} [يوسف: 29].
وكان هدف العزيز أن يحفظ مكانته من القيل والقال.
وحين سأل الشاهد النسوة، بماذا أَجبْنَ؟
يقول الحق سبحانه أن النسوة قُلْنَ: {مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سواء} [يوسف: 51].
وقد صرف الله عنه الشيطان الذي يتكفل دائمًا بالغُواية، وهو لا يدخل أبدًا في معركة مع الله؛ ولكنه يدخل مع خَلْق الله؛ لأن الحق سبحانه يورد على لسانه: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: 82-83].
فالشيطان نفسه يُقِرُّ أن مَنْ يستخلصه الله لنفسه من العباد إنما يعجز هو كشيطان عَن غوايته، ولا يجرؤ على الاقتراب منه.
والشاهد الذي من أهل امرأة العزيز، واستدعاه العزيز ليتعرف على الحقيقة قال: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ} [يوسف: 27].
وبعد كل هذه الأدلة فليس من حَقِّ أحد أن يتساءل: هل هَمَّ يوسف بامرأة العزيز، أم لم يَهِمّ؟
وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، يقول الحق سبحانه: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24].
والبرهان هو الحجة على الحكم. والحق سبحانه هو القائل: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل} [النساء: 165].
أي: لابد أن يبعث الحقُّ رسولًا للناس مُؤيدًا بمعجزة تجعلهم يُصدِّقون المنهج الذي يسيرون عليه؛ كي يعيشوا حياتهم بانسجام إيماني، ولا يعذبهم الله في الآخرة.
ويُذيِّل الحق سبحانه الآية بقوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السوء والفحشاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين} [يوسف: 24].
والفحشاء هي الزنا والإتيان؛ والسوء هي فكرة الهَمِّ، وبعض المعتدلين قالوا: إنها بعد أن راودتْه عن نفسه؛ وخرجت بالفعل إلى مرحلة السُّعَار لحظة أن سبقها إلى الباب؛ فكَّرتْ في أن تقتله؛ وحاول هو أن يدافع عن نفسه وأن يقتلها، ولو قتلها فلسوف يُجازى كقاتل.
فصرف الحق عنه فكرة القتل؛ وعنى بها هنا قول الحق: {السوء}؛ ولكني اطمئن إلى أن السوء هو فكرة الهَمِّ، وهي مُقدِّمات الفعل.
ويقرر الحق سبحانه أن يوسف عليه السلام من عباده المُخْلصين، وفي هذا رد على الشيطان؛ لأن الشيطان قال: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: 83].
وقول الحق هنا: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين} [يوسف: 24] يؤكد إقرار الشيطان أنه لن يَقْرب عباد الله المخلصين. وهناك: {مُخْلِصِين}. و: {مُخْلَصِين} والمخلِص هو مَنْ جاهد فكسب طاعة الله، وَالمُخْلَص هو مَنْ كسَب فجاهد وأَخلصه الله لنفسه.
وهناك أُناس يَصِلُون بطاعة الله إلى كرامة الله، وهناك أُناس يكرمهم الله فيطيعون الله ولله المثل الأعلى مُنزَّه عن كل تشبيه، أنت قد يطرق بابك واحد يسألك من فضل الله عليك؛ فتستضيفه وتُكرمه، ومرة أخرى قد تمشي في الشارع وتدعو واحدًا لتعطيه من فضل الله عليك، أي: أن هناك مَنْ يطلب فتأذن له، وهناك مَنْ تطلبه أنت لتعطيه. اهـ.

.قال صاحب التفسير الواضح:

هكذا كانت محنة يوسف في طيها منة عليه، ورب محنة ولكن في طيها منن.. دخل دار العزيز وأراد سيده أن يكون رئيسا للخدم وأن يحسن معاملته أو أن يتخذه ولدا وأمر امرأته بتنفيذ ذلك. وأراد اللّه- سبحانه- فوق ذلك كله أشياء واللّه بالغ أمره، وأرادت امرأة العزيز غير ذلك، أرادت أن يكون يوسف عشيقا لها، وراودته عن نفسه، وطلبت منه ذلك بالحيلة والمكر لتصرفه عن رأيه، راودته عن نفسه لأجل أن يريد منها ما تريد هي منه مخالفا لإرادته هو وإرادة ربه، وأعدت العدة لذلك وغلقت باب مخدعها وأبواب البهو المحيط به لتأمن الطارق والزائر وقالت ليوسف: هلم أقبل ونفذ ما أريده منك!! قال يوسف: أعوذ بالله وحده أن أكون من الجاهلين! يا هذه إن زوجك سيدي وقد أحسن مثواي وأكرم وفادتي واستأمنني على نفسه وبيته فكيف أخونه؟!! يا هذه إنه لا يفلح الظالمون أبدا الذين يظلمون أنفسهم بارتكاب المعاصي ومخالفة القانون الإلهى.. ترى يوسف عليه السلام أجابها معتزا بالإيمان بالله وبالأمانة لسيده وأنه لا يفلح الظالمون والخائنون، لقد ردها يوسف ردا عنيفا وصادمها في عواطفها في وقت هي فيه ثائرة ثورة جنسية عاصفة وهي سيدته وهو خادمها إنه شيء يخرج الشخص عن صوابه.